الأحد، 25 يناير 2015

شيماء الصباغ.. فضحتنا جميعاً, مقالٌ جديد بقلم : محمد البرغوثي

أصدقائي صديقاتي رواد جريدة ابن النيل المُنَوَّعة
سلام عليكم

كتب محمد البرغوثي:

لن أستبق نتائج التحقيق وأتهم طرفاً بعينه بقتل شيماء الصباغ عصر السبت الماضى فى قلب القاهرة.. ولكنى شأن السواد الأعظم من الناس طالعت وجهها الآسر الجميل
بلوعة حارقة، ورأيت كل الصور والمشاهد التى تداولتها المواقع، وقرأت وسمعت ما نشرته الصحف وما بثته الفضائيات، وكأنى أرى وأسمع وأشارك فى محفل مجوسى خسيس، يتسابق
فيه بعض ممن فقدوا حاسة الشرف، وبعض من «الحلاليف» الذين فقدوا حاسة الرحمة، فى دهس وقتل أيقونة نبيلة.. وكلما توغلوا فى توحشهم المقزز، طفرت من أناتها المكتومة
ومن دمائها الزكية ومن نظراتها الأخاذة، ومن ملامحها المبتسمة دائماً، ملايين الأدلة الدامغة على قبح وانتهازية وانعدام كفاءة قطاع كبير من النخبة المصرية بكل
مكوناتها.

نعم، هذا القطاع من النخبة الذى يضم سياسيين وإعلاميين وضباط شرطة هو منبع الخزى والعار فى هذا البلد.. سواء من تقنّع منهم بأنه «وطنى أصيل يدافع عن السيسى
وعن الجيش وعن الشرطة».. أو من تقنّع منهم بأنه ثائر أبدى ضد السيسى والجيش والشرطة والإخوان والإرهاب معاً، كلا الطرفين ارتكب جريمة سياسية بشعة، انتهت بـ«استشهاد»
سيدة شابة برصاص حى خرج من سلاح رعديد جبان، أو من سلاح متآمر خائن.

هنا.. والآن، وقبل أن تصل التحقيقات إلى نتيجة عادلة أو إلى نتيجة ملفقة، ينبغى أن نفحص جيداً هذا الأداء «منعدم الوعى» لحزب التحالف الشعبى الاشتراكى الذى
نظم هذه المسيرة بهدف وضع أكاليل زهور فى ميدان التحرير ترحماً على شهداء ثورة 25 يناير.. وبعد دقائق من تحركهم راحوا يهتفون: «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية»،
دون أدنى إدراك لخطورة الظرف السياسى الرهيب الذى عصف بعدد من الدول الراسخة فى الوطن العربى، تحولت تحت رايات مطالب الحرية والعدالة إلى أنقاض وخرابات، وتفككت
إلى ميليشيات وإمارات وقبائل ودويلات فاضت تحت حوافرها الكافرة أنهار الدماء العربية، وغصت خيام اللاجئين فى الصحارى بملايين المواطنين العرب الذين فقدوا الأرض
والبيت والعرض.. وتدنت مطالبهم إلى مجرد الحلم بحماية نسائهم وبناتهم من الاغتصاب أو البيع فى أسواق النخاسة.

أى وعى سياسى هذا الذى يقود مثقفاً لديه ذرة من ضمير، إلى الموافقة على تنظيم أى مسيرات فى هذا الظرف العصيب الذى تقف فيه مصر على حافة كارثة، التهمت ليبيا
والعراق وسوريا واليمن والسودان، ولم يعد أمامها غير مصر وجيشها حتى يعم الخراب كل أرجاء الوطن العربى دون استثناء واحد؟!

وإذا كان لدى هؤلاء الذين نظموا هذه المسيرة أى تبرير سياسى يمكن قبوله، فكيف لأى شخص لديه إحساس بالشرف، أن يحترم أياً من هؤلاء «المثقفين والسياسيين» وهو
يراهم فى عشرات الصور وقد تركوا الشهيدة شيماء الصباغ مرمية على الأرض وتظاهر كل منهم بأنه عابر سبيل «انظروا جيداً إلى الصور سترون الدكتور زهدى الشامى عضو
المكتب السياسى للحزب وهو يتظاهر بأنه لا علاقة له بهذه المسيرة، وإمعاناً فى التنصل يشعل سيجارة وهو على مسافة قصيرة من شيماء الغارقة فى دمائها.. وها هو إلهامى
الميرغنى المنظّر الاقتصادى للحزب يعطى ظهره للقتيلة ويأخذ طريقه إلى الاختباء.. ثم يظهر طلعت فهمى الأمين العام للحزب فى أكثر من صورة وهو يأخذ طريقه بعيداً
عن شيماء وكأن ما يدور لا يعنيه فى أى شىء..».. هل أقول إن إنساناً يترك إنسانة يعرفها غارقة فى دمائها دون أدنى مساهمة فى إنقاذها، لا يمكن أن يؤتمن على مصالح
وطن.. ولا يمكن أن أصدقه عندما يدّعى أنه كان فى مسيرة لإحياء ذكرى شهداء لا يعرفهم؟.. نعم أقولها.

هنا.. والآن أيضاً، ينبغى أن نحترس أشد الاحتراس من كل هؤلاء الذين سارعوا إلى تبرئة الشرطة من قتل شيماء.. وقاموا بتلفيق أدلة لإنقاذ الشرطة من التهمة، لأن
هؤلاء يلوثون شرف الوقوف مع الدولة ضد الفوضى، ويدفعون الشرفاء غصباً إلى إخلاء مساحة الوقوف مع الدولة لهذا الصنف من الانتهازيين السفلة.. وهو ما سوف يؤدى
-إذا استمر- إلى أن يجد الرئيس السيسى نفسه محاطاً فقط بهؤلاء الكذبة الفاسقين.

هنا.. والآن ثالثاً، لا ينبغى نسيان أن الشرطة ما زالت تضم بين صفوفها ضباطاً معدومى الكفاءة، بعضهم لا يجيد غير الضرب بالرصاص الحى والقسوة المنحطة فى التعامل
مع البشر كلما وجد نفسه فى مواجهة أزمة.. وبعضهم يتصور أنه لن يستعيد كرامته التى أهانتها ثورة 25 يناير إلا بسحق كل من يرفع شعارات هذه الثورة.. وهؤلاء مع
الإعلاميين الفسقة والانتهازيين أخطر على الدولة واستقرارها من «الإخوان» الذين لا يجيدون شيئاً غير الغدر وإحداث الفتنة.. ولا أستبعد -هنا أيضاً- أنهم ربما
كانوا وراء قتل هذه الشابة النبيلة التى غادرت الحياة وتركت أكثرنا شرفاً ومروءة ووطنية مثقلاً بإحساس فادح بالخزى والعار.

المصدر :
الوطن

تحريرًا في :
الإثنين 26 يناير 2015
في الساعة :
7 15 صباحًا

الى هنا لقاؤنا

موعدنا يتجدد  قرييباً مع مقال آخر جديد

إنتظروني
تحياتي لكم
على جريدة ابن النيل   المُنَوَّعة دائمًا تجدون كل جديد

هناك تعليق واحد:

  1. حافة ايه بس الكارثة حصلت شيماء شهيدة يوم السبت والسبت اللي بعده 30 شهيد وأكتر

    ردحذف