السبت، 24 يناير 2015

أشهر التسريبات في تاريخ مصر

أصدقائي صديقاتي رواد جريدة ابن النيل المُنَوَّعة
سلام عليكم

كتب ياسر ثابت:

العادلى فى إحدى مرافعاته بمحكمة القرن: آه كنا بنتنصت طبعًا.. وهل يوجد جهاز أمن سياسى لا يتنصت؟

فى زمن مضى، قال وزير الداخلية حبيب العادلى: اللى خايف ما يتكلمش ، فى إشارة إلى أن كل شىء مسجل، وربما يكون بالصوت والصورة أيضًا. بل إن العادلى قال خلال
مرافعته عن نفسه فى القضية المعروفة إعلاميًّا بـ محاكمة القرن ، إنه كان فعلا يتم التنصت على المحادثات، وهل يوجد جهاز أمن سياسى لا يتنصت، لكن على جاسوس،
مخرب، تاجر مخدرات وغيرها، وبإذن ومحاضر .

وأضاف بالحرف: آه كنا بنتنصت طبعا... كنت باغرس القيم الأخلاقية. كنت أقول للإخوة لما تلاقوا وإنتو بتسجلوا إن فيه حاجات متعلقة بأخلاقيات وسلوك.. هات صاحبتنا
وقولها عيب إمشى كويس مايصحش.. ليه؟ منها مكافحة، ومنها تجنيد.. .

الشاهد أن لمصر تاريخا طويلا مع قصص التسريبات والتنصت على المكالمات الهاتفية، سواء من الداخل أو الخارج.

إسرائيل انفردت بخبر محاولة اغتيال مبارك فى إثيوبيا بعد تنصتها على مكالمات سوزان على متن إحدى الطائرات

لنتذكر ما جرى على متن الطائرة، التى أقلت الرئيس الأسبق حسنى مبارك بعد فشل محاولة اغتياله فى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا فى يونيو من عام 1995. فقد أجرى
مبارك اتصالين هاتفيين، الأول مع رئيس الحكومة -حينذاك- د.عاطف صدقى والثانى مع ابنه الأكبر علاء مبارك، ليطمئنه على نجاته من محاولة اغتياله.

وكانت سوزان مبارك تعالج آنذاك فى إحدى مصحات تشيكوسلوفاكيا سابقا، إذ كانت تشكو من آلامٍ فى العمود الفقرى.. لكنها عادت فورا إلى القاهرة، وأجرت من الطائرة
اتصالات أخرى قام بها أحد رجال مكتب الرئيس والدكتور أسامة الباز المستشار السياسى للرئيس المصرى.. وكان صفوت الشريف وزير الإعلام -حينذاك- ممن تلقوا بعض هذه
الاتصالات. التقط القمر الصناعى الإسرائيلى الاتصال الأخير، وهو ما جعل الإذاعة الإسرائيلية تسبق الإعلام المصرى فى إذاعة النبأ بدقائق.

ولا شك أن تنصت المخابرات الأمريكية على تليفون حسنى مبارك فى أثناء حادثة أكيلى لاورو قصةٌ تستحق أن تُروى. ففى السابع من أكتوبر عام 1985 اختطف أربعةٌ من
مقاتلى جبهة التحرير الفلسطينية السفينة الإيطالية أكيلى لاورو غداة انطلاقها من ميناء الإسكندرية. وفى 9 أكتوبر، سلّم الخاطفون أنفسهم للسلطات المصرية، وتم
الاتفاق على سفر الخاطفين وإنهاء الأزمة بهدوء.

وحسب رواية الصحفى الأمريكى بوب وودوارد، فإن مبارك كان يكره نظام تأمين الاتصالات، الذى أمدته به الولايات المتحدة، فقد كان جهاز التليفون مزودا بزرٍ يتعين
الضغط عليه فى أثناء الحديث، بحيث لا يستطيع الشخص الذى على الطرف الآخر أن يتكلم وهو يستقبل المكالمة، وكان ذلك يجعل من الصعب مقاطعة المتحدث الذى على الطرف
الثانى، لذا كان مبارك يستخدم أجهزة التليفون العادية، ويميل إلى التحدث على الخطوط الأرضية، خصوصا فى وقتٍ كانت هناك أوامر فى واشنطن بتشديد وزيادة العمليات
الأمريكية لجمع معلومات استخبارية عن مصر بواسطة وكالة الأمن القومى والأقمار الصناعية.

وفى وقتٍ مبكرٍ من صباح يوم الخميس الموافق 10 أكتوبر 1985 تم التقاط مكالمة للرئيس مبارك، وخلال نصف ساعةٍ كانت المعلومات قد وصلت إلى غرفة العمليات فى البيت
الأبيض فى رسالة شفرية سرية للغاية، وكانت تسجيلا قصيرا لمحادثة دارت بين مبارك ووزير خارجيته -حينذاك- عصمت عبد المجيد.

كانت آذان المتنصتين بكل ما معهم من أجهزة تكنولوجية عالية الدقة ذات حسٍ مرهف، وكان الصوت واضحًا، وكانت المعلومات ثمينة، ففيها ذُكِرَت تفاصيلُ الرحلة السرية
التى تقل الخاطفين، والتقط الأمريكان رقم الطائرة ونوعها ومكان الإقلاع، وهكذا وصلت برقية إلى واشنطن تقول إن الطائرة تابعةٌ لشركة مصر للطيران، وإن رقمها بوينغ
737 ، وإنها سوف تقلع من مطار ألماظة الجوى.

ويضيف وودوارد من جهته قائلا إنه فى أثناء فترة ظهر اليوم نفسه قدمت وكالة الأمن القومى الأمريكى نصوص عشر مكالماتٍ تم التقاطها لمبارك، وهو يناقش الخطة النهائية
لنقل الخاطفين. وبالنسبة للكولونيل أوليفر نورث والأدميرال جون بويندكستر -نائب مستشار الأمن القومى الأمريكى- فإن الأمر بدا كما لو أنهما موجودان فى مكتب الرئيس
مبارك .

وكانت نتيجة عملية التنصت على تليفون مبارك أن اعترضت طائرات إف- 14 الأمريكية طائرة مصر للطيران رقم 2843، وأجبرتها على الهبوط فى قاعدة سيجونيلا بصقلية بمن
فيها من الخاطفين الأربعة مع محمد عباس أبو العباس الأمين العام للجبهة، الذى كانت واشنطن وتل أبيب تعتقدان أنه العقل المدبر لخطة الخطف.

وربما كانت مكالمات لوسى آرتين الشهيرة مع عددٍ من المسؤولين فى مجالات السياسة والأمن والقضاء سببا فى فضيحة شهيرة أدت إلى الإطاحة بعدد كبير منهم وعزلهم من
مناصبهم.

ولوسى آرتين، صاحبة الفضيحة التى تُوصَف بأنها أخطر قضايا الفساد فى مصر منذ عام 1980، هى سيدة جميلة تنتمى إلى الطائفة الأرمنية فى مصر، وهى ابنة شقيقة الممثلة
لبلبة (نونيا كوبليان) وقريبة الممثلة الاستعراضية نيللى.

لنبدأ حكاية لوسى آرتين من البداية

فى 1987 كانت الخلافات بين الزوجين لوسى آرتين وبرنانت هواجيم سرمجيان قد وصلت إلى طريق مسدود. وبدأت بينهما سلسلة من المحاضر والقضايا، كانت لوسى تستغل فيها
علاقتها بكبار رجال الدولة، خصوصا المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة.

استغلت لوسى فى معركتها أسلحة ثقيلة، تركزت فى علاقتها بكبار رجال الدولة، بغرض النيل من عائلة زوجها بأى طريقة.

وفى 16 مارس 1993 كانت مقاعد مجلس الشعب المصرى كاملة العدد استعدادا لسماع طلب الإحاطة، الذى تقدم به النائب كمال خالد، نائب دمياط، ليستمعوا لتفاصيل تكشف
بوضوح عن العلاقة بين المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة والأرمنية لوسى آرتين، التى تبين أن العلاقة بين أبو غزالة -الذى كان قد ترك موقعه كوزير للدفاع فى 16
إبريل 1989 وأصبح مساعدا لرئيس الجمهورية- ولوسى كانت قوية.

فى إحدى تلك المكالمات بين أبو غزالة ولوسى، التى نشرت نصها جريدة الأهالى آنذاك، يدور الحوار التالى:

- لوسى: إنت تعرف المشكلة بينى وبين زوجى، وقد حصلت على حُكم يلزم أباه بدفع النفقة.. لكنه استأنف الحكم وهو راجل واصل بفلوسه.

- أبو غزالة: هى قضيتك قدام مين من القضاة؟

- لوسى: أمام قاضى الأحوال الشخصية!

- أبو غزالة: والقاضى ده بلده إيه؟

- لوسى: السويس.

- أبو غزالة: طيب أنا أعرف اللواء تحسين شنن اللى كان محافظ السويس وحاكلمه يمكن يعرف حد على معرفة بالقاضى يكلمه ويطلب منه أن يراعى الله فى قضيتك.

بعد أيام تحدث أبو غزالة مع لوسى مرة ثانية، وقال لها:

أنا كلمت صديقى تحسين المحافظ السابق، وقال لى إنه يعرف واحد اسمه مصطفى موظف كبير فى محافظة السويس، وبالمصادفة يسكن فى بيته، وممكن تروحى تقابليه تكلميه عشان
يكلم القاضى.

قابلت لوسى الموظف الكبير الذى قابلها بالقاضى. وفى أول لقاء قال لها: اسمعى أنا راجل مش مرتشى ولا أجامل أحد.. لكن تأكدى لو كان ليكى حق فى هذه القضية حتاخديه
مهما كان نفوذ خصمك.

كان هذا حُكم أول لقاء ومنطقه، بعد ذلك تعددت اللقاءات.

وفى جلسة مجلس الشعب المذكورة، عرض النائب كمال خالد نص حواراتٍ هاتفية ساخنة وملتهبة بين مساعدى وزير الداخلية آنذاك، وهما اللواءان حلمى الفقى وفادى الحبشى.

وعندما ألقى القبض على لوسى آرتين مع قاضٍ ورئيس محكمة آنذاك، هو المستشار عبد الرحيم على محمد، بإحدى الشقق فى هليوبوليس بحى مصر الجديدة فى 13 فبراير 1993،
لم تنكر علاقاتها بهذه الشخصيات الكبيرة، لكنها كشفتهم وعرتهم أمام الرأى العام، وقالت فى التحقيقات: الرجال الكبار اتجننوا.. كلهم وقعوا فى حُبِّى.. دول بيعيشوا
حالة مراهقة على كبر.. وبعدين أنا ذنبى إيه !

وصلت حروب التجسس والتسريبات إلى حد التنصت على الرئيس نفسه

ونجد فى مذكرات عبد الفتاح أبو الفضل، نائب رئيس المخابرات العامة الأسبق ما يؤيد ذلك، إذ يقول: وعلمت أيضا أن حسن التهامى كان منذ بداية الثورة يعمل وهو موظف
بالمخابرات فى عملٍ خاص مكلف به من عبد الناصر. هذا العمل لم نعرف به إلا مؤخرا بعد إرغام حسن التهامى على مغادرة هذا المكان، وكان مسؤولا أمام الرئيس عبد الناصر
عن مراقبة تليفونات أعضاء مجلس الثورة والوزراء والشخصيات ذات الصفة العامة وأنه يسجل هذه الأحاديث لعرضها على عبد الناصر فقط .

وكانت النتيجة أن التهامى سجل أحاديث عبد الناصر نفسه.

لاحقا تم طرد التهامى، وأُلحِقَ قسم مكافحة الشيوعية بالمخابرات، وأصبح خاضعا تماما لسلطة مدير المخابرات العامة صلاح نصر.

ولفترةٍ، لم يكن السادات يدرى أن بيته فى الجيزة لم يسلم من وضع أجهزة التنصت به.

أعلن الرئيس السادات هذه الحقيقة المذهلة فى بيانه الشهير، الذى أذاعه على الشعب يوم 14 مايو 1971 عن طريق الإعلام. فقد ذكر ما يلى بالحرف الواحد: فيه وزراء
قالوا لى بيتك فيه تسجيل عليك! بيت رئيس الجمهورية الخاص! كنت بقول لهم بلاش كلام فارغ، مين يجرؤ يعمل حاجة زى دى؟ مين حيعملها سامى ولا شعراوى؟ ويؤسفنى أن
أقرر أنه اتضح أن أودة مكتبى فى بيتى، فى بيت رئيس الجمهورية، وجدنا فيه جهاز إمبارح بالليل، لأن بعد اللى جرى بعت جبت جهاز إلكترونى اللى يبحث ووجدت الجهاز
فى غرفة مكتبى أنا شخصيا .

لنتحدث قليلا عن عملية بلغاريا

ففى عام 1979 وعشية انتخابات مجلس الشعب، فوجئ عددٌ كبيرٌ من السياسيين بالقبض عليهم، بينهم مرشحون لمجلس الشعب وصحفيون، واتهموا بالتخابر مع دول أجنبية، وتقاضى
مبالغ مالية بهدف تسريب معلومات تضر بأمن البلاد. أما قضية التفاحة فكانت إحدى الأزمات المهمة التى تعرض لها عددٌ من مثقفى اليسار فى مصر.

بعد اعتقالات 1981 اتهم السادات بعض خصومه بالتخابر مع السوفييت.. لكن بعد تفريغ المكالمات تم حفظ القضية

ففى أعقاب حملة سبتمبر 1981، اتهم بعض خصوم السادات بالتخابر لحساب الاتحاد السوفييتى، وكان المتهم الرئيسى فى القضية هو محمد عبد السلام الزيات، نائب رئيس
الوزراء الأسبق. وكان قد تم وضع أجهزة تنصت داخل منزل الزيات، ووضعت تليفونات مجموعة أصدقاء الزيات وزواره تحت المراقبة، وبدأت المخابرات فى مراقبتهم وتسجيل
العملية تحت اسم كودى هو قضية التفاحة .

تم الكشف عن القضية عقب أحداث سبتمبر 1981، ليتم القبض على الجميع بتهمة التخابر مع الاتحاد السوفييتى. بعد تحقيقات المدعى العام الاشتراكى أحيلت القضية إلى
النيابة العامة. وعلى الرغم من أن تفريغ التسجيلات التى قيل إنها ملأت دولابا من المستندات قد كلَّف الدولة مليونى جنيه، فإن النيابة لم تجد فيها ما يدل على
حدوث الجريمة، فتم حفظ القضية.

المصدر :
جريدة التحرير

تحريرًا في :
السبت 24 يناير 2015
في الساعة :
1 33 مساءًا

الى هنا لقاؤنا

موعدنا يتجدد  قرييباً

إنتظروني
تحياتي لكم
على جريدة ابن النيل   المُنَوَّعة دائمًا تجدون كل جديد

هناك تعليق واحد: