الثلاثاء، 24 نوفمبر 2015

5 محطات في حياة سلمان رشدي: «أهدر دمه بعد إهانته للرسول فعاش حياة أصعب من الموت»

أصدقائي صديقاتي رواد جريدة ابن النيل المُنَوَّعة
سلام عليكم

كَتَبَا غادة غالب ورضا غُنيم:

«عشت حياة أسوأ من الموت.. إنها حياة الرعب»، بتلك الكلمات يصف الروائي البريطاني ذو الأصل الهندي، سلمان رشدي، السنوات التي قضاها منذ عام 1988 حتى وقتنا الحالي، بسبب رواية «آيات شيطانية»، التي تعرض بسببها لمحاولات اغتيال، استجابة لفتوى الإيراني آية الله الخميني.
وفي الذكرى الـ26 لفتوى الخميني بإهدار دمه، ترصد «المصري لايت» 5 محطات في حياة سلمان رشدي.
5-نشأته
ولد «رشدي» بمدينة بومباي في 19 يونيو 1947، لأبوين مسلمين ينحدران من أصول كشميرية، وتلقى تعليمه في مدرسة كاتدرائية «جون كونن»، قبل أن ينتقل إلى مدرسة «الرجبي» الداخلية في انجلترا، ومن ثم درس التاريخ بالكلية الملكية في جامعة كامبريدج عام 1967، واستقرت معيشته هناك.
ومع بداية السبعينيات عمل في مجال كتابة الشعارات الإعلانية، وفي عام 1975 نشر رواية خيال علمي تُدعى «جريموس» لم تحظَ باهتمام القراء أو تقدير النقاد، وصدرت روايته الثانية «أطفال منتصف الليل»، وحصل عنها عام 1981 على جائزة «بوكر» البريطانية.
4-التطاول على الدين
في عام 1983، نشر روايته «العار»، أما عام 1988، فكانت علاقته أكثر تعقيداً بالشرق، وأصبحت حياته الواقعية كأنها جزء من رواياته الفانتازية شديدة الغرابة، حيث أصدر رواية «آيات شيطانية»، وتطاول فيها على الرسول (ص)، ووصفه بـ«المستبد»، كما هاجم زوجاته وبناته، وتطاول على القرآن، وتعاليم الشريعة الإسلامية.
يقول «رشدي» إن مصطلح «الآيات الشيطانية»، مقصود بها آيات تم حذفها من القرآن كانت تتضمن دعاء الرسول لآلهة وثنية في مكة، وأنه حلت نسخة معدلة للقرآن لتتماشى مع مبدأ التوحيد الذي يقوم عليه الإسلام.
3-فتوى إهدار دمه
«آيات شيطانية» أثارت ضجة كبيرة في دول العالم الإسلامي، وفي 14 فبراير 1989 صدرت فتوى بهدر دم «رشدي» عن قائد الثورة الإيرانية آية الله الخميني من خلال «راديو طهران» قال فيه «إنني أبلغ جميع المسلمين في العالم بأن مؤلف الكتاب المعنون (آيات شيطانية) الذي ألف وطبع ونشر ضد الإسلام والنبي والقرآن وكذلك ناشري الكتاب الواعين بمحتوياته، قد حكموا بالموت، وعلى جميع المسلمين تنفيذ ذلك أينما وجدوهم،كي لا يجرؤ أحد بعد ذلك على إهانة الإسلام».
وفي الفترة اللاحقة لهذه الفتوى تلت موجه كبيرة من الهجمات والتهديدات دور الطباعة والنشر والترجمة، والكثير من المترجمين وأصحاب دور الطباعة تعرضوا للتهديد أو القتل على أيدي جماعات إسلامية، كما حرقت من المكتبات أو تم تفجيرها، وأقيمت مسابقات بين بعض المجاميع لإحراق أكبر عدد ممكن من هذا الكتاب.
وقطعت بريطانيا في 7 مارس 1989علاقاتها الدبلوماسية مع إيران على خلفية هذه الفتوى، وبعد أن طالب الكتاب والناشرون البريطانيون مارجريت تاتشر رئيسة الوزراء اتخاذ موقف قوى ضد طهران، وهبت الحكومات الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية غاضبة ثائرة وأعلنت أيضا قطع علاقتها مع إيران وسحبت سفراءها منها، وطردت كل الدبلوماسيين الإيرانيين منها.
وأعلن الإتحاد السوفيتي  ترشيح «رشدي» عضوا في إتحاد كتاب آسيا وإفريقيا، وأدلى رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا، وبريطانيا، بتصريحات متشنجة انفعالية يطالبون فيها بحماية «رشدي» من إرهاب المسلمين، وخرج ملايين الأوروبيين في مظاهرات يدافعون عنه بحرارة.
وأعلن الناشرون الأوروبيون تطوعهم لطبع هذه الرواية وبيعها بسعر التكلفة، ونشرت صحف أوروبا ودول الكتلة الشرقية صـور وأخبار «رشدي» واصفين إياه بأنه ضحية الرأي، وخصصت له بريطانيا حراسة لم تفعل مثلها مع رؤساء الدول، وطلبت إسـرائيل أن يـهاجر «رشدي» إليها ليعيش في أمان، كما طبعت ووزعت كتبه بالمجان.
وفي 3 أغسطس 1989، فشلت محاولة لاغتيال «رشدي» بواسطة كتاب مفخخ، حاول تمريره عنصر من «حزب الله» يدعى مصطفى مازح، وانفجر الكتاب بشكل مبكر ما أدى إلى مقتل الأخير وتدمير طابقين من فندق «بادينجتون».
في المقابل، صعدت الشعوب والأقليات الإسلامية المظاهرات والاحتجاجات ضد «رشدي» وكتابه وضد الموقف الأوروبي من الفتوى، وخرجت المظاهرات في كل عواصم العالم الإسلامي تتجه نحو السفارات البريطانية وتحرق دمى «رشدي» ونسخا من الكتاب الذي كتبه، وقتل في إحدى المظاهرات التي جرت في باكستان وحدها 9 متظاهرين عدا الجرحى على أيدي رجال الشرطة الباكستانية.
وصدرت الفتاوى تلو الفتاوى تحرم كتاب «رشدي» وتهدر دمه، ورصدت إيران جائزة قدرها مليون دولار لمن يقتل سلمان رشدي تنفيذا لفتوى «الخميني» عام 1989.
وصدرت العديد من الكتب بغرض الرد على آراء «رشدي»، مثل «شيطانية الآيات الشيطانية» للداعية أحمد ديدات، و«شيطان الغرب» لسعيد أيوب، و«همزات شيطانية» للدكتور نبيل السمان، كما هاجمه الشاعر فاروق جويدة في قصيدة اتهمه فيها بالإلحاد.
وحقق الكتاب مبيعات عالية في الدولة الغربية، حيث نفذت نسخه في بريطانيا، وبلغت 57 ألف نسخة، ووصل حجم المبيعات في الولايات المتحدة إلى 100 ألف نسخة، وتلقت دار النشر «فيكنج» في لندن التي طبعت الكتاب الآلاف من رسائل التهديد والاتصالات التليفونية المطالبة بسحب الكتاب من دور بيع الكتب، وفي الوقت نفسه تم منع ترجمة وبيع الكتاب بنسخته العربية في أغلب الدول الإسلامية، مثل بنجلاديش، والسودان، وجنوب أفريقيا، وكينيا، وسريلانكا، وتايلاند، وتنزانيا ، وإندونيسيا، وفنزويلا، وسنغافورة.
وترصد الكثيرون لـ«رشدي» بهدف قتله، وعززت السلطات البريطانية الحراسة على «رشدي»، وكان نتيجة محاولات الاغتيال مصرع مترجما يابانيا، واختفى «رشدي» عن الأنظار وعاش متخفيا في بريطانيا لمدة 10 سنوات ينتقل من منزل إلى منزل تحت اسم جوزيف أنطون.
2- حياة أسوأ من الموت
ورغم ردود الفعل الغاضبة على الرواية، وتهديده بالقتل، لم يتراجع «رشدي»، وأكد أن الزمن لو عاد إلى الوراء سيُعيد كتابة الرواية كما هي، بل زاد على حديثه أنه كان سيندم على عدم تأليف كتاب يتطرق إلى قضايا دينية أو فلسفية مهمة.
يقول صاحب «آيات شيطانية» في حوار مع  مجلة «دير شبيجل» الألمانية عام 2003: «لقد تحولت إلى شخص مُستعار، وحياتى كلها أصبحت مُستعارة بعد أن نصحني رجال الأمن في بريطانيا باستخدام اسم مستعار، وشخصية مستعارة، وبالتالي أصبح حسابي في البنك مستعارًا، وفواتيري مُستعارة».
ويضيف: «فكرت في اسم هندي يصلح لي، واختر بالفعل (مالوي)، لكن هذا الاسم لم يُعجب به رجال الحراسة الشخصيين لأنه اسم صعب في النطق، وبعيد عن المجتمع الإنجليزي، ويعتبر اسما آسيويا، وبعد تفكير اخترت في النهاية اسم جوزيف انطون، ولم أحبه».
وفي مذكراته التي أصدرها في برلين، قال: «السنوات الـ9 التى قضيتها متخفيًا ومتسللًا ومجهولًا، كانت مليئة بالإذلال، تم تجريدي خلالها من شرفي وآدميتي.. حياتي خلال تلك السنوات كانت أسوأ كثيرًا من الموت.. ورغم ذلك رفضت ارتداء سترة واقية من الرصاص»، مشيرًا إلى أن رجال الشرطة كانوا يرافقوه في «الحمامات» خشية من اغتياله.
عاش «رشدي» في الألفية الثالثة حياة هادئة، واختفى اسمه من العالم الإسلامي، وحدة التهديد خفت، لم يعد أحد يتذكره، واعترف بنفسه بهذا الأمر، حينما قال: «أشعر منذ عشر سنوات أنه ليس هناك تهديد حقيقي لحياتي».
1. العودة من جديد
في عام 2007، أعلنت الملكة البريطانية اليزابيث الثانية، الكاتب سلمان رشدي «فارسًا» في إطار منحها سنويًا أوسمة إلى مجموعة من الشخصيات تقديرًا لإنجازاتها، الأمر الذي أثار غضب المسلمين، وأعلن رجل الدين الإيراني أحمد خاتمي، أن الفتوى بهدر دم «رشدي»، التي أصدرها الإمام الخميني عام 1989 لا تزال سارية، مؤكداً أنها «غير قابلة للتعديل».
المتشددون في إيران لا يزالون متشبثين بـ«بفتوى هدر دمه»، فقد رفعت مؤسسة خورداد الدينية الإيرانية قيمة الجائزة المالية لقتل رشدي إلى 3,3 مليون دولار عام 2012، بعد أن كانت في البداية بمقدار مليون دولار.
وفي عام 2013، فاز «رشدي» بأعلى جائزة أدبية في الدنمارك، حسبما أعلنت اللجنة المسؤولة عن جائزة «هانز كريستيان اندرسن» الأدبية.
وقالت اللجنة في حيثيات منح الجائزة لـ«رشدي»، إنه «مؤلف لا يضاهى، استطاع أن يظهر من خلال مزجه بين الواقعية العالمية والخيال الأسطوري أهمية الأسفار والتبادل الثقافي في عصرنا، الأمر الذي أثرى معه الأدب العالمي».
في يناير الماضي، عاد اسم سلمان رشدي للظهور مرة أخرى، حيث كشفت صحيفة «صن داي تايمز» أن الرجل الذي تم إهدار دمه في الثمانينات يواجه تهديدًا جديدًا، إذ ظهر اسمه في قائمة لشخصيات يريد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية استهدافها.
وقالت الصحيفة إنه تم العثور على وثيقة في الحاسوب المحمول لشريف كواشي، أحد منفذي الهجوم على مجلة «شارلي إيبدو» الفرنسية الساخرة، تفيد «أن الفتوى التي كانت قد صدرت بحق رشدي عام 1989 بسب روايته (آيات شيطانية) مبررة».
وأوضحت أن «اسم رشدي ورد في لقطات فيديو بثت حديثًا يعلن فيها التنظيم مسؤوليته عن الهجوم ضد (شارلي إيبدو)، ويهدد كل من يعتدي على النبي محمد، بأن يخرس وتُشل رجلاه ويصبح عبرة لغيره».
وقبل ظهور هذه الوثيقة بأيام، أدان صاحب «آيات شيطانية»، حادث «شارلي إيبدو»، قائلًا: «أقف إلى جانب (شارلي إيبدو) للدفاع عن فن السخرية الذي كان دائمًا قوة لليبرالية ضد الطغيان وانعدام النزاهة والغباء، ويجب أن نقف جميعًا معها».
وأضاف: «احترام الأديان أصبح عبارة تعني الخوف من الأديان، لكن الأديان مثل باقي الأفكار تستحق الانتقاد الساخر».

المصدر :
جريدة ابن النيل المُنَوَّعة
عن :
المصري لايت-المصري اليوم

تحريرًا في :
الأربعاء 25 نوفمبر 2015
في الساعة :
02 00 صباحًا

بِرَجَاء عند النقل ذِكْر المصدر

الى هنا لقاؤنا
موعدنا يتجدد قرييباً
إنتظروني
تحياتي لكم
دائماً على جريدة ابن النيل المُنَوَّعة تجدون كل جديد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق