السبت، 15 أكتوبر 2016

فاروق شوشة.. وداعًا

أصدقائي صديقاتي رواد جريدة ابن النيل المُنَوَّعة
سلام عليكم

غيَّب الموت الشاعر الكبير فاروق شوشة عن عمر ناهز 80 عامًا، بقرية الشعراء بدمياط، ودفن جثمان الراحل فى مدافن القرية عقب صلاة الجمعة حسب وصيته، مثلما ذكر مقربون منه. فاروق محمد شوشة، شاعر مصرى، ولد فى17 فبراير 1936 بقرية الشعراء بمحافظة دمياط، حفظ القرآن، وأتم دراسته فى محافظته، ثم تخرج في كلية دار العلوم 1956، وفي كلية التربية جامعة عين شمس 1957، وعمل مدرساً 1957، ثم التحق بالإذاعة عام 1958، وتدرج في وظائفها حتى أصبح رئيساً لها 1994 وعمل أستاذاً للأدب العربي بالجامعة الأميركية بالقاهرة.
يعتبر برنامجه الأشهر «لغتنا الجميلة» أهم برامجه الإذاعية، بل أهم البرامج الثقافية على الإطلاق منذ عام 1967، وكذلك قدم برنامجاً تليفزيونياً ظل مميزاً لوقت طويل هو «أمسية ثقافية» منذ عام 1977، كما شغل «شوشة» عدة مناصب لغوية مهمة منها: عضو مجمع اللغة العربية، رئيس لجنتي النصوص بالإذاعة والتليفزيون، وعضو لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة، ورئيس لجنة المؤلفين والملحنين، كما شارك في معظم مهرجانات الشعر العربية والدولية.
 من أهم دواوينه الشعرية: «إلى مسافرة» 1966 «والعيون المحترقة» 1972 و«لؤلؤة في القلب» 1973 و«في انتظار ما لا يجيء» 1979 و«الدائرة المحكمة» 1983 و«من دم العاشقين» 1986 و«يقول الدم العربي» 1988 و«هئت لك» 1992 و«سيدة الماء» 1994 و«وقت لاقتناص الوقت» 1997 و«حبيبة والقمر» 1998 و«وجه أبنوسي» 2000 و«الجميلة تنزل إلى النهر» 2002.
لم يقتصر إنتاج الشاعر الكبير على كتابة الشعر فقط، بل واصل اهتمامه بكل ما يخص اللغة فأصدر كثيراً من المؤلفات التى اهتمت بلغة الضاد ومنها: «لغتنا الجميلة» عام 1967 و«لغتنا الجميلة ومشكلات المعاصرة» و«مواجهة ثقافية».
حصل فاروق شوشة على العديد من الجوائز العربية والمصرية كان أهمها: جائزة الدولة في الشعر 1986، وجائزة محمد حسن الفقي 1994، جائزة الدولة التقديرية في الآداب سنة 1997، جائزة كفافيس العالمية عام 1991، كما حصل على جائزة النيل لعام 2016 وهي أهم جائزة يحصل عليها أديب مصري.
بمزيد من الحزن استقبل الوسط الثقافى خبر رحيل شاعر الفصحى الكبير فاروق شوشة، مؤكدين خسارة المشهد الشعرى كله لأحد أهم أعمدة الشعر العربى.
 الشاعر الكبير شعبان يوسف يقول فى وداع صديقه: فاروق شوشة.. الصادق الرقيق، ما زلت مصدوماً حتى الآن من خبر الرحيل، حيث إن اجتماعنا فى لجنة الشعر أول أمس «الأربعاء» لم يحضره، ولم نتساءل عن غيابه، فذلك يحدث لأحدنا دائماً، فكلنا مشغولون بعاديات الحياة، وفى حضور فاروق شوشة اجتماعات اللجنة كان يعطيها زخما وقيمة لمداخلاته الثمينة والمخلصة، مداخلات لا تعرف المراوغة ولا الخبث، فهو أمضى حياته كاملة فى صدق نادر، لم نعهده فى غيره، هذا الصدق الذى لا يتوارى خلف مقولات كبيرة، ولكنه كان بسيطاً كوردة، وناعماً كنسمة، مثله مثل شعره، مثل أدائه الصوتى فى الإذاعة المصرية منذ أكثر من نصف قرن، إذ إن جهوده الثقافية كانت تتوزع بين الإعلام والإبداع الشعرى والبحث اللغوى، ثم جهوده الصحفية التى كان ينشرها فى مجلة الآداب، فمنذ أواخر الخمسينات دأب على نشر الحوارات التى كان يجريها فى البرنامج الثانى سابقا، والبرنامج الثقافى حالياً، وأعتقد أن من زاملوه مثل بهاء طاهر ومحمد إبراهيم أبوسنى يعرفون عنه الكثير، وبالإضافة إلى هذا وذاك كان يكتب ويكتشف مواهب جديدة، فكان يكتب تحت عنوان «أصوات مقتحمة» مقالات فى غاية النبل عن شعراء مثل الراحلين محمد يوسف وحسن توفيق وحسين على محمد ومشهور فواز وآخرين، لا يهمه أن يكتب عن المشهورين وذوى السلطان الإعلامى هنا وهناك، وهو لم يزاحم أحداً فى الحصول على مكاسب مادية أو أدبية، رغم حصوله على أرفع الجوائز، وأعتقد أن تجربة فاروق شوشة الشعرية لم ينظر إليها جيداً، ولم يتطرق إليها نقاد كثيرون، ما عدا د. مصطفى ناصف ود. محمد عبد المطلب، وبعض مقالات لا تستطيع أن تفى جهوده الإبداعية حقها، وأعتقد أن تراثه النقدى والإبداعى يحتاجان إلى إعادة نظر مرة أخرى، رحم الله الشاعر والإعلامى واللغوى والأخ الأكبر فاروق شوشة، وداعا يا حبيبنا وأخانا الكبير، أيها المثقف المحترم والموسوعى والخلوق، أنا شديد الحزن لفراقك أيها الانسان الغالى، كنت أريد مفاجأتك بدراسة أعدّها عن مشوارك، ولكن الله قد أراد أن تأتى متأخرة.
أما الشاعر الكبير سمير الفيل فيحكى عن غياب شوشة قائلاً: فاروق شوشة بلدياتي، هو واحد ممن شكلوا الوجدان الوطني في سنوات التكوين، عبر برنامجه الإذاعي الشهير «لغتنا الجميلة»، ومن خلال تلك الحلقات عرفنا على شعراء كبار من مختلف المدارس والأجيال والاتجاهات الشعرية، بصوته بالغ العذوبة والجمال.
ويضيف "الفيل": كان فاروق شوشة صاحب المرجعية القروية التي استقاها من قرية «الشعراء» واحداً من سدنة اللغة، وقد اقترن عطاؤه الشعري بعضويته مجمع اللغة العربية في مصر، ارتبط فاروق شوشة بمسقط رأسه دمياط، وكان من أوائل المستجيبين للمشاركة في ملتقى دمياط الأدبي الذي دعا إليه الدكتور عبد العظيم وزير محافظ دمياط سنة 2003، وخلال تقديمه شعراء محافظته ساهم في تكريمهم بتسليم درع المحافظة كما ألقى ضوءا نقديا على أعمالهم، وتلك كانت طبيعته حيث يسعى للتعريف بالشعراء الجدد في كافة المحافل التي يرتادها.
ويستطرد الفيل:عندما تولى رئاسة الإذاعة المصرية، رحب بالأقلام الجديدة، وشجعني على كتابة برنامج إذاعي قدم خلال 15 حلقة هو«وجوه من أكتوبر» للمخرج مجدي سليمان، موسيقى عمر خيرت، وقد قدمت في هذه الحلقات الوجه المضيء للمحارب المصري خلال العمليات الحربية، كما بسطت تجربة الإنسان البسيط حين يتعرض منزله للقصف بوحشية، لم يكن من الممكن خوض تلك التجربة بغير تشجيع فاروق شوشة، وحدث منذ عشر سنوات سابقة أن استضاف عدداً من شعراء دمياط في برنامجه التلفزيوني «أمسية ثقافية» ليضعهم تحت الضوء، مؤمنا بالدور الذي يمكن أن يلعبه الإعلامي المحايد والنزيه في التعريف بأجيال جديدة من المبدعين، أذكر له ريادته في تجميع قصائد العشق الإلهي، وأجمل ما قيل في الحب، بلمسة نقدية ساحرة، كما أنه واحد ممن اعترفوا بفضل الرواد الأوائل، وكان من بينهم أستاذه طاهر أبوفاشا الذي سبقه بسنوات طويلة إلى أثير الإذاعة، وأضاف الفيل: أذكر لشوشة موقفاً حيث حضر مرة احتفالا بتأبين الشاعر عبدالعليم عيسى في قرية كفر المياسرة، والتف حوله شباب القرية ليغترفوا من علمه، وقد حضر إلى تلك القرية النائية اعترافا بشاعرية عيسى، وهذه القرية هي نفسها التي أنجبت شاعرين كبيرين، هما: أحمد الشهاوي، والسيد عامر. حزن كبير يملأ قلوب محبيك يا شاعرنا الدمث.. رحم الله فاروق شوشة، شاعراً وإنساناً نبيلاً وداعا شاعرنا الكبير.. سنفتقدك دائماً.
أما الدكتورة الروائية سهير المصادفة فقالت لـ«الوفد»: فاروق شوشة شاعر عذب، وهو صاحب قضية الحفاظ على اللغة العربية الجميلة، كان عف اللسان وخلوقا ومهذبا حتى وهو يخوض أي معركة ثقافية أو أدبية، وكما عاش في سلام ينجز مشروعه الشعري والإبداعي رحل عنا في سلام كما يليق بفارس نبيل.
الدكتور أيمن ميدان الشاعر الكبير وأستاذ اللغة العربية، كتب أيضاً على صفحته يقول «قد تأتي وحدك»، قالها فاروق شوشة بنبرة واثقة منهكة، عندما التقيته بمهرجان ربيع الشعر العربي بالكويت الذي تقيمه مؤسسة البابطين الثقافية كل عام، وبادرته قائلاً: بأمر الله يجمعنا الربيع القادم وهنا، فإلى السماء جار الأنبياء والشهداء.

المصدر :
جريدة ابن النيل المُنَوَّعة
عن :
الوفد

تحريرًا في :
السبت 15 أكتوبر 2016
في الساعة :
12 46 بعد الظهر

بِرَجَاء عند النقل ذِكْر المصدر

الى هنا لقاؤنا
موعدنا يتجدد قرييباً
إنتظروني
تحياتي لكم
دائماً على جريدة ابن النيل المُنَوَّعة تجدون كل جديد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق